![]() | |
|
في شعرية
المناخات المشهدية
التوليف
والكيرجي في الهايكو
![]() |
Angiola Inglese-Italie |
-ultimo sguardo al mare
fiore di agave
-last look at the sea
agave flower
آخر نظرة على البحر-
زهرة الصبار
ترجمة وتقديم: محمد بنفارس- المغرب
1/ تقديم
كتبت نصوص كثيرة حول الصبار، غير أن الهايكو تحت أعيننا، صيغ
على نحو مختلف ومكثف جدا في سطرين بتقنية التوري أواسه، مع إعمال لكيرجي فعال، ما جعله يضمر
أكثر مما يفشي، وبالتالي رفع من قيمة الشعرية في النص، أو ما نطلق عليه "شعرية
المناخات المشهدية" التي بدونها لن يتعدى الأثر المكتوب حاجز الوصف أو الإخبار.
في مقاربته للهايكو، ركز بريندون كينت (على
روحه السلام) على خمسة أمور اعتبرها أساسية في إحداث الفرق:
- البعد الجمالي
- الأثر الوجداني
- أهمية الصياغة
- مساحة المضمر
- فعالية التوليف والقطع
يعتبر برندون أنه ليس مهما أن يكون الحدث عاديا أو مكررا، ما يهم بالدرجة الأولى هو الطريقة المبتكرة في تقديمه من زاوية مختلفة ورؤيا جديدة، ما يعني أنه ليس من العيب أو الضحالة في شيء تناول مادة (موضوع، تيمة) سابقة، ولكن المهم أن يكون التناول بنظرة بها أفق مجدد انطلاقا من التجربة المعاشة والخبرة الشخصية.
2/ قراءة بريندون
يمكن، بطبيعة الحال، تأليف هايكو في أي موضوع وتقديمه
بطرق مختلفة. إن فكرة وجوب كتابة الهايكو وإتمامه دائما "في اللحظة
نفسها" يمكن أن يكون سببا يضر بتعلم الهايكو. على المبتدئين أن يدركوا أن
الهايكو نادرًا ما ينتهي دون نشر، حتى عندما يكون من الأفضل عموما "في اللحظة
نفسها" ترك الهايكو "يستريح" بعد كتابته.
والغاية من ذلك أن هذا الأمر يسمح للكاتب بقراءة الهايكو
بنظرة وروح جديدتين حتى يصار به أقرب إلى كيفية تلقيه والتفاعل معه من طرف القارئ
للوهلة الأولى.
لطالما كان استخدام الحواس هو أفضل أسلوب للتواصل مع
المتلقي وخلق صدى معه ... ما يتيح للقارئ، على وجه التقريب، الإحساس باللحظة من
خلال عيني المؤلف.
مهما بدت اللحظة صغيرة وتافهة، يمكن لهايكو صيغ بشكل جيد
الرقي بها إلى معنى ... ربما نحو طريقة جديدة لرؤية العالم الطبيعي من حولنا
والإحساس به.
لقد حددت اختياري كما هو الحال دائمًا من خلال الحكم على
جماليات الهايكو أولا، ولكن أيضا من خلال الأثر الوجداني الذي يتركه الهايكو في
نفسي، وكيف يخاطبني ... إنها لفكرة جيدة دائما أن تسمع الهايكو وأنت تقوله بنفسك
أو من قبل آخرين كي تشعر بالقوة الكامنة فيه والموسيقى التي تتخلله.
أحب قراءة نصوص الهايكو التي ربما تضيف طريقة جديدة
للتعاطي مع شيء رأيته عدة مرات، نصوص تجعلني أقف وانتبه!
هذه القصيدة المتقشفة والشفافة هي مثال رائع على أنه
بإمكان بعض الكلمات حين تصاغ بشكل متقن أن تسفر عن هايكو يكون له الوقع المطلوب.
يستغرق نبات الصبار سنوات عديدة من النمو لإنتاج زهرة
عمرها قصير جدًا. تخيل أنك تستغرق من 20 إلى 40 سنة لإنتاج زهرة فقط لتكون قصيرة
العمر!
هل المؤلفة هي التي ألقت "نظرة أخيرة على
البحر" أم أن الزهرة هي من قامت بذلك؟ ربما تكون الكاتبة في الشوط الأخير من
إجازتها قد استخدمت تجاور "زهرة الصبار" للقول بأنه علينا الاستمتاع
بالجمال طالما أنه موجود ومستمر ...
بطبيعة الحال، إضمار معظم المعلومات في هذا الهايكو يجعل
منه نصا مفتوحا على تأويلات كثيرة. قد نعتبر أيضا أن هذه هي اللحظات الأخيرة من
حياة الشاعرة، وعلى غرار زهرة الصبار، تدرك تماما أن الحياة مجرد فترة قصيرة فاصلة
بين الولادة والموت.
بغض النظر عن الكيفية التي يقرأ أو يؤول بها هذا
الهايكو، لا يسعنا إلا أن نصفق للشاعرة نجاحها الباهر في توظيف ال "ما" /
Ma (غرفة
التفكير والتأمل) المؤثرة التي تم إنشاؤها عبر آلية الكيرجي (الوقفة- الصمت).
هايكو مميز.