إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية تراتيل هايكو الهامش - Le Haiku Marginal

تراتيل هايكو الهامش - Le Haiku Marginal

حجم الخط


عيسى أبركان-المغرب

هايكو الهامش

من منظور

 شعرية المناخات المشهدية








                 محمد بنفارس - المغرب


تمهيد:


تسعى هذه القراءات إلى الإصغاء لنصوص هايجن الهامش، أولئك الذين يكتبون من ضوء التجربة لا من شهرة الاسم. فهي قراءات تنطلق من النص لا من صاحبه، مستلهمةً ما نسميه مقاربة على ضوء ـشعرية المناخات المشهدية؛ أي رصد اللحظة التي يتفاعل فيها الملموس والوجدان، ويلتقي فيها المشهد بالشعور الداخلي
.

في هذه المقاربات، لا نتعامل مع الهايكو كنص وصفي أو تمرين لغوي، بل بوصفه تجربة حسّية تكشف عن أثر المشهد في الوجدان. فكل نصّ يُقرأ كبوتقة على مناخٍ صغير من الحياة، حيث تتجاور الأشياء لتبدي بما يتجاوز منطوق الكلمات.


3) تراتيل:

تراتيل

يروح يوم..
يجيء آخر

عيسى أبركان- المغرب 

هايكو مكثّف حدّ التقشّف، بُني على صرامة اللغة وبساطتها وانضباط الإيقاع الداخلي.
في الظاهر، لا شيء سوى تعاقب الأيام على نحو رتيب؛ غير أن خلف هذا المشهد الساكن، تنبض حياةٌ خفيّة من "تراتيل" تُسمَع ولا تُرى، كأنها صدًى بعيد لزمنٍ يتكرر ويدور في صمت.

اعتمد ابركان تقنية التوليف بين خطين متوازيين: صوتٌ متردد يذكّر بالأناشيد أو الأجراس، وزمنٌ يمضي ويعود في دورة لا تنتهي. التوازي إياه  يولّد مناخًا سمعيّا بصريّا تتردّد فيه الحركة على وتيرة من الخفوت والتماثل، وكأنّنا أمام طقس يوميّ يتكرّر حدّ الملل الشديد.

غير أن وراء هذه الرتابة الظاهرة، شجنٌ خافت، ضجرٌ بودليريٌّ لطيف، لا ينغلق على القنوط، بل يلمّح إلى تطلّعٍ داخليّ نحو أفقٍ أرحب. هكذا تتحوّل التراتيل من مجرّد أصواتٍ إلى حالة وجدانية تُلامس هشاشة الإنسان في مواجهة مرور الزمن.

"تراتيل" عيسى لا تنطلق من الوجدان لصناعة أو صباغة المشهد، بل من المشهد نفسه الذي يوقظ الوجدان. إنّه هايكو مناخٍ شعريّ، حيث تتعانق الحِسّية بالتأمّل، والزمان بالصوت، والفراغ بالصدى.


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق